للعائلة منزلة مهمّة في كتاب البخلاء للجاحظ لفتت انتباهنا بشدّة ولاحظنا أنّها على أهمّيتها لم تحظ على حدّ علمنا بدراسة مستقلّة بذاتها في كلّ البحوث المنشورة حول الكتاب في اللغات العربيّة والفرنسية والانجليزية ولذلك رأينا أن نخصّص لها هذا المقال الذي عملنا فيه على أن نرصد كلّ النوادر والأقوال والأخبار التي تتعلّق بالأهل والزوجة والعيال في مؤَلّف الجاحظ ثمّ تحليلها وتأويلها بالاعتماد على ما تتيحه لنا المعارف الحديثة في الاجتماع والنفس والأنتروبولوجيا والفلسفة وغير ذلك من المعارف للوصول إلى بلورة فهم علميّ شامل لسلوك البخيل تجاه أقرب الناس إليه، لا سيّما زوجته وعياله من ناحية وتمثّلاته لهم انطلاقا من مركزيته الذاتيّة ( الأناويّة) التي لا تنفصل عن مركزيّة المال" القطب الذي تدور عليه رحى الدنيا" في فلسفته الاجتماعيّة. وإذا كان المال- وما سواه محال – هو البوصلة الذي تقوده إلى كلّ شيء بما في ذلك نفسه، فما بالك بزوجته وعياله، أدركنا أنّ ذلك لن يحدث دون أن تكون له انعكاسات على نفسيته وسلوكه يشذّ به عن القاعدة ويخرج به عن العادة ودون أن ينعكس على علاقته بأقرب الناس إليه، علاقة مركّبة عملنا على تفكيكها...