عُرفت حضارات الشرق القديم منذ فجر التاريخ باهتمامها وعنايتها بالروائح العطرية النباتية، التي هي المصدر الرئيس لجميع أنواع العطور، بما في ذلك العطور الدخانية والزيتية والدهنية والراتينَجيَّة والمائية، وتشمل منتجاتها: البخور والمسك واللبان والمر، وعبق الزهور، وورد الياسمين، وغيرها من الروائح العطرية التاريخية الأولى. واستمرت أهمية هذه الروائح العطرية على مدى تاريخ الحضارات الإنسانية، من حيث الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لحضارات الشرق القديم، بما في ذلك الحضارة الإسلامية، التي تعدّ من أهم العصور التي أسهمت في تكوين جوهر تاريخ العطور. ينقسم هذا البحث إلى ثلاثة مباحث وخاتمة، بالإضافة إلى مقدمة موجزة لشرح مصطلح العطور، حيث إن المبحث الأول يشرح تطور العطور ونشأتها في حضارات العالم القديم في الشرق، والتعامل مع مادة العطور من الناحية الدينية وطقوسها. ويتناول المبحث أيضاً استخدامات المواد العطرية والعطور لأغراض الزينة والجمال، كما كان في الحضارات المصرية القديمة وبلاد ما بين النهرين، واستخدامها في السيطرة على مقاليد الحياة الاقتصادية من طرق التجارة البرية والبحرية،...